#

أوصيكم بأصحابي

أوصيكم بأصحابي
روينا بالإسناد المتصل في جامع الإمام الترمذيّ رحمه الله من حديث سليمان بن يسار، من طريق سليمان بن يسار، قال قام فينا عمر بن الخطاب بالجابية خطيبًا فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" الحديث صححه الترمذي. هذا الحديث لأهميته حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الذين كان أحدهم عمر بن الخطاب، حدثهم الرسول قائمًا، والرسول كان يحدث أحيانًا قائمًا في غير خطبة الجمعة وأحيانًا جالسًا. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يقتدي برسول الله فقام في أرض تسمى الجابية، هي من برّ الشّام، قام خطيبًا فيمن كان معه من الصحابة، من أصحاب رسول الله والتّابعين، فحدثهم بما سمعه من رسول الله، قال مخبرًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" إنـما ذكر الرسول هؤلاء الثلاث لأن هؤلاء خير هذه الأمة، أفضل أمّة محمّد القرن الأوّل ثم القرن الثاني ثم القرن الثالث، والقرن فسـر بعدة معان في اللغة. علماء اللغة فسروا القرن بعدة معان منها أي من تلك المعان مائة سنة، وهذا هو الذي ذكره الإمام محدث الشام الحافظ ابن عساكر رحمه الله، فسر الحديث القرون الثلاثة بالثلاثمائة الأولى، وبعض من المحدثين فسر القرون الثلاثة بمن كانوا ضمن مائتين وعشرين عامًا، فعلى هذا التفسير المراد بالحديث من كان ضمن المائتين والعشرين عامًا، وأما على التفسير الأول وهو تفسير القرن بالمائة، بمائة سنة فمن كان ضمن الثلاثمائة الأولى كلهم يقال لهم السلف. ثم إن الخيرية المفهومة من هذا الحديث باعتبار الجملة ليس باعتبار الآحاد، ليس معنى الحديث أن كل فرد من أفراد من كانوا في هذه القرون الثلاثة أفضل من كل فرد من أفراد الأمة الذين جاؤوا بعد ذلك، ليس هذا مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنّنا إذا نظرنا إلى الأفراد قد يوجد من هو أفضل عند الله تعالى درجة من بعض من كان في القرن الأول أو القرن الثاني أو القرن الثالث لأن العبرة من حيث التفضيل هو بالتمكن في تقوى الله تعالى، قال الله تبارك وتعالى ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [سورة الحجرات ءاية 13] فليس كل من كان في القرن الأول على حد سواء في تقوى الله لكن المقدمين من أهل القرن الأول أفضل من كل من جاء بعد ذلك إلى يوم القيامة، وهؤلاء هم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وستة يتلونـهم هم تتمة العشرة الذين يقال لهم العشرة المبشرون بالجنة، ويلتحق بهؤلاء جميع من كان من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , شرح حديث