أقرب ما يكون العبد من ربه
أقرب ما يكون العبد من ربه
"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" الله تعالى لو كان متحيزًا في المكان في هذه الجهة العليا لكان الذي على رأس الجبل أقرب إلى الله من الذي يكون ساجدًا لله تعالى.
والرسول عليه السلام دلنا على ذلك. وذلك لأنه مرة كان يرفع يديه عند الدعاء إلى السماء، ومرة دعا وهو مشير بباطن كفّه إلى الأرض، هذا ليدلنا ليفهمنا أن الله موجود بلا مكان، لا هو متحيز في هذه الجهة ولا هو متحيز في هذه الجهة ولا في هذا المحيط.
العرش لا يوجد عليه شىء إلا كتاب كتب الله فيه "إن رحمتي سبقت غضبي". هذا الكتاب يوجد فوق العرش وهو أي العرش محمول بملائكة، ملائكة يحملونه، اليوم أربعة في الدنيا هم، وفي الآخرة ثمانية، العرش وهؤلاء الذين يحملون العرش محمولون بقدرة الله، والله تعالى ليس متحيزًا على العرش إنما خلق الله العرش إظهارًا لقدرته لأن الملائكة الذين طوال الخلقة أحدهم من هنا إلى هنا مسيرة سبعمائة سنة، مسافة سبعمائة سنة، هؤلاء لما يرون هذا العرش الذي لا يعرفون له حدًا يزدادون علمًا بكمال قدرة الله، لهذا خلقه، ما خلقه ليجلس عليه.
ثم أيضًا الرسول عليه السلام قال شيئًا يدلنا على أن الله ليس متحيزًا في جهة الفوق وذلك أنه نهانا، نهى المصلي أن يرفع رأسه إلى السماء في الصلاة، أما في الدعاء كان هو يرفع، مطلوب منا أن نرفع عند الدعاء هكذا، أما في الصلاة نهى، لماذا نهى؟ ليدلنا على أنه ليس متحيزًا في هذه الجهة.
قول الله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾، هذه الآية تدلنا على أن الله ليس محدودًا ولا ذا شكل ولا ذا لون ولا هو شىء يعتريه حالات مختلفة. الله لا تختلف عليه الأحوال كما تختلف على المخلوق. ثم بعد هذا ورد في القرءان ءايات ظواهرها توهم أن الله ساكن هذه الجهة الفوقانية، ووردت ءايات أخرى ظواهرها أن الله متحيز في الأفق، في أفق الأرض، لا نأخذ بظواهر تلك الآيات ولا بظواهر هذه الآيات، بل نفسر هذه الآيات التي توهم أن الله في جهة فوق كالعرش، والتي توهم أن الله تعالى هنا في الأرض كليهما لا نحملهما على ظواهرها، بل نقول إن لها معاني توافق تلك الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , ءاداب إسلامية