ولاَ تَجعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا

قال المحدث الشيخ عبد الله الهرري الحبشي رحمه الله ونفعنا به
إنَّ المصيبةَ في المالِ والمصيبةَ في الجسمِ اللهُ تبارك وتعالى يُعوِّضُ المؤمنَ بِهَا الثوابَ وتكفيرَ السيئاتِ ورفعَ الدرجاتِ. أما المصيبةُ في الدينِ فتوجب لصاحبِهَا الهلاك في الآخرةِ لذلكَ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم في دعاءٍ كانَ يدعُو بهِ: "ولاَ تَجعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا". فالمصيبةُ في الدنيَا مع سلامةِ الدينِ يستفيدُ بِهَا المسلمُ تكفيرَ السيئةِ ورفعَ الدرجةِ، وأما المصيبةُ في الدينِ فيَخسَرُ بِهَا الإنسانُ. مثلاً: مَرِضَ فتَرَكَ الصلاةَ أو سافَرَ فتركَ الصلاةَ، من أجلِ خاطرِ إنسانٍ ارتكبَ معصيةً مِنَ المعاصِي هذهِ مصيبةٌ في الدينِ وأعظمُ مصيبةٍ في الدينِ هو الكفرُ. إذا غَضِبَ إنسانٌ فسَبَّ اللَّهَ هذا خَسِرَ كُلَّ حسناتِهِ التِي قَدَّمَهَا، وأيُّ مصيبةٍ أعظمُ من هذا؟! ثُمَّ إنْ ماتَ قبلَ أن يَرجِعَ إلى الإسلامِ فقد استوجَبَ الخلودَ في نارِ جهنَّمَ. أما المصيبةُ في الدنيَا فهي أَنْ يبتلى المسلمُ فِي جِسمِهِ أو مالِهِ، مَرض جِسمِهِ أو بتَلَفٍ فِي مالِهِ ولا تُخرِجُهُ هذه المصيبةُ عن طاعةِ اللَّهِ تعالى، أي لا يتركُ فرضًا من الفرائضِ مِن أجلِ هذه المصيبةِ ولا يَتسَخَّطُ على ربِّهِ فيَسُبُّ ربَّهُ، بل يُقَابِلُ هذهِ المصيبةَ بالاستسلامِ والتسليمِ للَّهِ تعالَى، يُقَابِلُ هذهِ المصيبةَ بالتسليمِ للَّهِ تعالى أي تَركِ الاعتراضِ على اللَّهِ تعالى. فالمصيبةُ في الجسمِ أو المالِ إذا لَم يَعصِ ربَّهُ بسببِ هذه المصيبةِ فهي فائدةٌ لَهُ في ءاخرتِهِ، لأنَّها تُكفِّرُ عنهُ سيئاتٍ وتَرفعُ لَهُ درجاتٍ. لذلكَ أكثرُ الناسِ بلاءً في الدنيَا الأنبياءُ ثُمَّ الأمثلُ فالأمثلُ أي على حَسَبِ مَا يكونُ عندَ اللهِ تباركَ وتعالَى المؤمنُ درجتهُ عاليةفيَكثُرُ بلاؤُهُ في الدنيَا. فمَنْ نَظَرَ فِي تاريخِ الأنبياءِ عَلِمَ ذلكَ يقينًا.