القول في غضب الله ورضاه

كتاب الدرة البهية

dorraBahiyyah قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: واللهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى لا كَأَحَدٍ مِنَ الوَرَى.
الشرح أنه يَجِبُ إثباتُ صفةِ الغَضَبِ وصفةِ الرِّضَى للهِ معَ تَنْزِيهِهِ تعالى مِنْ أنْ يَكُونَ غضبُه ورِضاهُ تَأَثُّرًا بَلْ هُمَا صِفَتانِ أَزلِّيتانِ قديمتانِ أَبَدِيَّتانِ، أمَّا ما وردَ في الحديثِ الذي رواهُ البُخاريُّ مِنْ أنَّ ءادمَ وغيرَهُ يقولونَ: "إنَّ اللهَ غَضِبَ اليومَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ولا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ" فالمرادُ بذلكَ ءاثارُ الغضبِ وليسَ المرادُ الصفةَ لأنَّ الصفةَ أزليةٌ أبديةٌ ليستْ طارِئةُ للهِ، معناه أنَّ اللهَ تعالى أَعَدَّ في ذلكَ اليومِ مِنْ ءاثارِ الغضبِ ما لم يَسْبِقْ قبلَ ذلكَ ولا يَفعلُ بعدَ ذلكَ ما هوَ أشدُّ منهُ لأنَّ اللهَ تعالى شاءَ أنْ يَكُونَ أنْ يَحصُلَ ذلكَ اليومِ منْ ءاثارِ الغضبِ مُنْتَهَى الآثارِ التي شاء أن تكون لكنَّ اللهَ تعالى قادِرٌ على أنْ يَخْلُقَ ما هو أشدُّ منْ ذلكَ لكنَّهُ لا يَفعلُ، فالعذابُ الذي أعدَّهُ لأَعدائِهِ وشاءَ في الأزلِ أنْ يُصيبَهُم في الآخرةِ لا يتَجاوزُ ذلك الحدَّ الذي شاءَ هذا معنى ما وَرَدَ في حديثِ الشفاعةِ وليس معناه أنَّهُ تَأَثَّرَ ذلكَ الوقت لأنَّ التأثرَ مستحيلٌ على اللهِ لأنَّ الذي يتأثرُ لا بُدَّ أنْ يَكُونَ حادِثًا.