القول في منع الخروج على أئمة المسلمين

كتاب الدرة البهية

dorraBahiyyah قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَلا نَرَى الخُروجَ عَلَى أَئِمَّتِنَا وَوُلاةِ أمُورِنَا وإنْ جَارُوا.
الشرحُ أنه يَحْرُمُ الخروجُ على السلطانِ الذي انعقدتْ بيعتُهُ الشرعيةُ ولا نحارِبُهُم ولا نَخْلَعُهُم منَ الخلافةِ وإنْ ظَلَمُوا، وإنَّمَا يُخرَجُ عليهِم إذا كَفَرُوا.

قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَلا نَدْعُو عَلَيْهمْ ولا نَنْزِعُ يَدًا مِنْ طَاعَتِهِمْ.
الشرح أنه لا نَدعُو عليهِم دُعَاءً يُؤدِّي إلى تحريكِ فِتنةٍ، ولا نَنْـزِعُ يَدًا مِنْ طاعتِهِمْ" أي نطيعُهُمْ وإنْ كانوا جائرينَ فيما لا معصيةَ فيهِ.

قالَ المؤلِّفَ رحِمَه اللهُ: ونَرَى طَاعَتَهُمْ مِنْ طاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَريضَةً مَا لمْ يَأْمُرُوا بِمَعصِيَةٍ.
الشرح طاعةُ أُولِي الأمرِ فرض فَرَضَهُ الله والطاعة التي أمر الله بها المؤمنين لأُولي الأمرِ هي الطاعة في طاعة الله.

قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنَدعُو لَهُم بِالصَّلاحِ والمُعَافَاةِ.
الشرح أننا نَدْعُو لهم أنْ يُصْلِحَهُمُ اللهُ.
وقولُهُ: "المعافاةِ" أيْ أنْ يُزيلَ عنهُم ما بِهِم منَ الجَوْرِ والظُّلْمِ بأنْ يتوبَ عليهِمْ.

قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنَتْبَعُ السُّنَّةَ والجَمَاعَةَ وَنَجتَنِبُ الشُّذُوذَ والخِلافَ والفُرْقَةَ.
الشرح أهلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ همُ الذينَ يعتقدونَ عقيدةَ الصحابةِ والتابعينَ ومَنْ تَبِعَهُم بإحسانٍ، وإنَّمَا سُمُّوا أهلَ السُّنَّةِ لأنَّهُمْ على سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم متبعون لأصحابه لأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم أمرَ باتباعِ ما كانَ عليهِ أصحابُهُ، وأما تَسميتُهُمْ بالجماعةِ فلأنهم لَم يَخْرُجُوا عن جمهورِ الأُمَّةِ في الاعتقادِ الحقِّ أما الشَّرَاذِمُ المفترِقَةُ عنهُم إلى اثنتينِ وسبعينَ فِرقةً هذهِ خالفَتِ اعتقادَ الصَّحابةِ. ويعني بالشذوذِ الخروجَ عنِ الإجماعِ في المسائلِ الاجتهاديةِ التي اجتهدَ فيها أهلُ الاجتهادِ ، وبالخلافِ مخالفةَ مَنْ خالفَ ذلكَ بفِراقِهِمْ.

قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنُحِبُّ أَهْلَ العَدْلِ وَالأَمَانَةِ وَنُبغِضُ أَهْلَ الجَوْرِ والخِيَانَةِ.
الشرحُ هذا يُؤَكِّدُ تَضَمُّنَ حُرْمَةِ الخروجِ عنِ الإجماعِ. وأرادَ المؤلِّفُ بأهلِ العدلِ والأمانةِ أهلَ السُّنَّةِ المتمسِّكِيْنَ بالعدلِ مِنْ وُلاةِ الأُمورِ، وأرادَ بأهلِ الجَوْرِ والخِيانةِ أهلَ الخلافِ والعِصيانِ.

قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنَقُولُ اللهُ أَعْلَمُ فِيمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ.
الشرحُ أن الشىء الذي لا نَعْلَمُهُ نقولُ إننا نُفَوِّضُ فيهِ العِلْمَ إلى اللهِ ، والمعنى أنَّ الإنسانَ قَد يَتَشَكَّكُ عندما يَشتبِهُ عليهِ الأمرُ، فعندئذٍ يَلْجَأُ إلى التفويضِ إلى اللهِ ويَعتقدُ الحقِّيَّةَ في كلِّ ما ثَبَتَ عنِ اللهِ وعنْ رسولِهِ صلى الله عليه وسلم، ويَعرِفُ يَقِينًا أنَّ عقولَ الخلقِ قاصرةٌ عن الحِكَمِ البشريةِ فكيفَ تُدرِكُ جميعَ الحِكَمِ الرُّبُوبِيَّةِ ، كانَ أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ يقولُ: "يا أَيُّها الناسُ اتَّهِمُوا ءاراءَكُمْ وأحْسِنُوا الظَّنَّ برسولِ اللهِ فيما يُرْوَى لكُمْ عنهُ".