كتب ومتون قصص الأنبياء
 إِخوةُ يوسفَ عليه السلام عند أبيهم يعقوب

إِخوةُ يوسفَ عليه السلام عند أبيهم يعقوب

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء عاد إخوة يوسف عليه السلام إلى أبيهم يعقوب عليه السلام وجمالهم محمّلة بالطعام وقالوا له: يا أبانا إن عزيز مصر قد أكرمنا إكرامًا زائدًا وإنه ارتهن "شمعون" وقال: ائتوني بأخيكم الصغير من أبيكم، فإن لم تأتوني به فلا كَيلَ لكم عندي ولا تقربوا بلادي، فَأرسل معنا أخانا بنيامين يكتل لنفسه كيل بعير ءاخر زيادة على كيلنا وإنا لحافظون له من أن يناله مكروه معنا في سفره، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [سورة يوسف/63].
ولَمّا قال إخوة يوسف لأبيهم مقالتهم هذه ليحثوه على إرسال أخيهم الصغير معهم قال لهم يعقوب: ﴿قَالَ هَلْ ءامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [سورة يوسف/64] والمعنى هل ءامنكم على أخيكم من أبيكم الذي تسألونني أن أرسله معكم إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل، يُريدُ بذلك أنه لم ينفعهُ الأمن منهم إذ خانوه وأفقدوه إياه، ثم بيّن لهم أنَّ الله تبارك وتعالى خير حافظًا منهم وهو أرحم الراحمين بخلقه.
ثم إنَّ إخوة يوسف عليه السلام فتحوا متاعهم لاستخراج الطعام الذي أتوا به من مصر فوجدوا بضاعتهم (فضتهم) التي كانوا دفعوها ليوسف عليه السلام في مقابل ما أخذوه من الطعام بحالها لم تمس، فكان ذلك ممّا قوى عزائمهم في الكلام مع أبيهم فقالوا له: يا أبانا ما نبغي! معناه أي شىء تريد بعد هذا وهذه بضاعتنا رُدّت إلينا! فإذا سمحتَ بأخينا ليذهب معنا فإننا نجلبُ لأهلنا طعامًا ونحفظ أخانا ونزدادُ بسببه على أحمالنا من الطعام حمل بعير من الطعام يكال لنا وهذا شىء يسير عند الملك الذي طلب منا أخانا.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ [سورة يوسف/65] وكان نبيُّ الله يعقوب عليه السلام شديد التعلق بولده بنيامين لأنه كان يشمُّ فيه رائحة أخيه يوسف عليه السلام ويتسلى به عنه، والظاهر أن القحط والجدب في بلاد يعقوب كان شديدًا وقاسيًا ممّا جعل يعقوب يسمح بسفر ابنه بنيامين مع إخوته إلى مصر ولولا حاجته وحاجة قومه إلى الميرة والطعام لما كان ليبعث ولده العزيز على قلبه معهم، قال الله تعالى: ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ [سورة يوسف/66] والمعنى: لن أرسلَ أخاكم إلى عزيز مصر حتى تعطوني ميثاقًا وعهدًا من الله أي تحلفوا بالله بأنكم تأتونني بأخيكم وترجعون به إلا أن تُغلبوا جميعكم عن الإتيان به.
ولَمّا أعطى أولاد يعقوب عليه السلام أباهم عهدهم وميثاقهم على الوفاء بما اشترطه عليهم قال: الله على ما نقولُ وكيل أي شهيد، ولَمّا أراد أولاد يعقوب عليه السلام الخروج من عند أبيهم والسفر إلى مصر ليمتاروا ويجلبوا الطعام أوصاهم بعد أن أذن لأخيهم بنيامين في الرحيل معهم قال لهم: "يا بنيَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة" حيث كان لمصر كما قيل: أربعة أبواب، حيث خاف عليهم أن يصيبهم أحد بالعين والحسد وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وأشكال حسنة جميلة، ثم بيّن لهم أنه لا يستطيع أن يدفع عنهم شيئًا مما قدره الله عليهم وشاءه لهم، لأنه لا رادّ لما قضى ولا مانع لما حكم، فمشيئته تعالى نافذة في كل شىء، يفعل ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ * وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَىْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة يوسف 67-68].

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء