كتب ومتون قصص الأنبياء
 شُيُوعُ الخَبرِ في المدينةِ وتَحدثُ النساء عن يوسف عليه السلام

شُيُوعُ الخَبرِ في المدينةِ وتَحدثُ النساء عن يوسف عليه السلام

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء شَاع خَبَرُ امرأة العزيز ويوسف عليه السلام في أرجاء المدينة وأخذت ألسنة النساء من نساء الأمراء وبنات الكُبراء في الطعن على امرأة العزيز وعَيبها، والتشنيع عليها على فعلتها، كيف تعشق سيدة ذات جاه ومنصب فتاها وتراوده عن نفسه فتطلب منه مواقعتها، وبلغ ذلك امرأة العزيز فأرسلت إلى هؤلاء اللائمات من ذوات الثراء والجَاه ودَبّرت لهنَّ مكيدةً حتى يَعذرنها في حبّها وغرامِها ليوسف عليه الصلاة والسلام فَجمعتهُنَّ في منزلها وأَعدّت لهنَّ ضيافةً تليقُ بحالهنَّ، فقد هيأت لهن مكانًا أنيقًا فيه من النّمارق والوسائد ما يَتّكِئنَ عليه، وقَدمت إليهنَّ طَعَامًا يحتاج إلى القطع بالسكين، وقيل: ناولت كل واحدة منهنَّ أُترُجَّة ـ نوع من الفاكهة ـ وسكينًا وقالت لهن: لا تقطعن ولا تأكلن حتى أُعلمكن، ثم قالت ليوسف عليه السلام: اخرج عليهنَّ، فلما خرج عليه السلام إلى مكان جلوس هؤلاء النسوة ورأينه بَهَرَهُنَّ جمالُه وألهاهُن حُسنه الفائق وتَشَاغلن عمَّا في أيديهن فصرن يَحزُزْنَ أيديهن ويقطّعنها وهن يَحسبنَ أنهن يقطعن الطعامَ والفاكهة،وهنَّ لا يَشعرنَ بألمِ الجُرح، وأَعلنَّ إكبارهن وإعظامَهن لذلك الجمال الرائع الذي كان عليه سيدُنا يوسف عليه الصلاة والسلام، حيث ما ظننَّ أن يكونَ مثلُ هذا الجمال في بني ءادم. ثم قُلْن: حَاشَ لله ما هذا بَشَرًا إن هذا إلا مَلَك كريم، عند ذلك بَاحَت امرأةُ العزيز بحبها وشَغفها بيوسفَ عليه السلام الذي بهرها جمالُه وملَكَ عليها قلبها، وقالت للنسوة معتذرة في عشقها يوسف وحبها إيّاه: فذلكنَّ الذي لُمتنني فيه، ثم مَدَحَت يوسف عليه السلام بالعفة التَامّة والصيانة، واعترفت وأقرت لهنّ بأنها هي التي راودته عن نفسه وطلبت منه ما تُريد ولكنه استعصم وامتنع، وأخبرتهنَّ أنه إن لم يُطَاوعها إلى ما تُريدُ من قضاء شهوتها ليُحبسنّ في السجن ويكون فيه ذليلا صاغرًا.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَءاتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا ءامُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [سورة يوسف 30-32].
وقامت النساء يحرضن يوسف عليه السلام على السمع والطاعة لسيدته ولكنه عليه السلام أبى أشد الإباء ودعا ربه مستغيثا به فقال في دعائه: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [سورة يوسف/33]، يعني إن وكلتني إلى نفسي فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف ولا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعَصَمتني وحَفظتني وأحطتني بحولك وقوتك. فاستجابَ الله تعالى دعوة نبيه يوسف عليه السلام وصَرَف عنه كيدهن ونجّاه من ارتكاب المعصية معهن قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [سورة يوسف/34].

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء