كتب ومتون قصص الأنبياء
 مُقدِمة عن قوم لوط الذين بُعِث وأرسل إليهم لوط عليه السلام

مُقدِمة عن قوم لوط الذين بُعِث وأرسل إليهم لوط عليه السلام

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء كان نبيُّ الله لوط عليه السلام قد نَزح عن محلة عمه إبراهيم الخليل بإذنه فنزل بمدينة سدوم كما أمره الله تعالى وهي في أطراف شرق الأردن قُرب البحر الميت، وكانت هذه المدينة لها قرى مضافة إليها.
وكان قوم سدوم (1) من أكفر الناس وأفجرهم وأخبثهم طوية وأقبحهم سيرة، فقد كانوا ذوي أخلاق رديئة ونفوس خبيثة لا يستحون من مُنكر ولا يتعففون عن معصية، وكانوا يقطعون السبيل على المسافرين ويأتون في ناديهم المنكر ولا يتناهون عن المنكرات فيما بينهم، وكانوا ابتدعوا جريمة نكراء وذنبًا شنيعًا اشتهروا به، ولم يسبقهم إليه أحد من أهل الأرض وهي إتيان الذكور ـ أي اللواط ـ قال تعالى حكاية عن لوط عليه السلام: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [سورة الشعراء 165-166].
ولقد كان قوم لوط من قساوة قلوبهم وفساد أخلاقهم يتجاهرون بفعل فاحشة اللواط ولا يستترون ولا يستحون، فلما بعث الله تعالى نبيَّهُ لوطًا إليهم دعاهم إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والمنكرات وتلك الأفاعيل المستقبحة، ولكنهم استمروا على كفرهم وإشراكهم وتمادَوا في ضلالهم وطغيانهم وفي المجاهرة بفعل اللواط. وقيل: إن الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم بساتين وثمار في منازلهم وبساتين وثمار خارجة على ظهر الطريق وأنهم أصابهم قحط شديد وجوع فقال بعضهم لبعض: إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة عن أبناء السبيل والمسافرين كان لكم فيها معاش، فقالوا: كيف نَمْنَعُها؟ فأقبل بعضهم على بعض فقالوا: اجعلوا سُنَّتكم ـ أي عادتكم وطريقتكم ـ فيها أنَّ من وجدتموه في بلادكم غريبًا فاسلبوه وانكحوه فإن الناس لا يَطَئون أرضكم، وزَيّن لهم الشيطان هذا الفعل الخبيث، فكانوا كذلك حتى بعث الله لهم لوطًا عليه الصلاة والسلام فدعاهم إلى عبادة الله وترك هذه المحرمات والفواحش، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ [سورة الأعراف 80-81]، وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ [سورة الشعراء 161-163]. ولكنهم تمادوا في غيِّهم وضلالهم ولم يزدهم وعظ نبيهم وأمره لهم بالمعروف ونهيه لهم عن المنكر إلا تماديًا وتكبرًا وطغيانًا واستعجالاً لعقاب الله إنكارًا منهم لوعيده وتكذيبًا منهم لنبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، فقد كانوا يقولون له: ائتنا بعذاب الله إن كُنتَ من الصادقين، ولم يكتفوا بهذا التكذيب والاستكبار بل أخذوا يهددونه بالطرد من قريتهم وهمُّوا بإخراج نبي الله من بين ظَهْرانيهم وهذا مُنتهى السَّفَه والعناد والتكبر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [سورة الأعراف/82]، وقال تعالى: ﴿قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [سورة الشعراء/167].


------------------
1-مدائن لوط يقال لها سَدوم وصَبْعَة وعُمرة ودُوما وصَعْوة، وسَدوم هي القرية الكبيرة.

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء