كتب ومتون قصص الأنبياء
 مُعجزةُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام في عدم احتراقه بالنار

مُعجزةُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام في عدم احتراقه بالنار

قصص الأنبياء

قصص_الأنبياء أراد قومُ إبراهيم عليه السلام أن ينتقموا من إبراهيم عليه السلام لما كَسّر أصنامهم وحطمها وأهانها، فلمّا غلبهم بحجته القوية الساطعة أرادوا مع ملكهم هذا أن ينتقموا منه فيحرقوه في نار عظيمة فيتخلصوا منه قال تعالى مخبرًا عن قولهم: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ [سورة الصافات/97]، وقال: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا ءالِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [سورة الأنبياء/68]، فشرعوا يجمعون الحطب من جميع ما يُمكنهم من الأماكن ليلقوه بها وجعلوا ذلك قُربانا لآلهتهم ـ على زعمهم ـ حتى قيل إنّ المرأة منهم كانت إذا مَرضتْ تنذر لئِن عوفيت لَتَحملنَّ حَطَبًا لحريق إبراهيم، وهذا يدل على عظم الحقد المتأجج في صُدورهم ضد إبراهيم عليه السلام. ثم عَمَدوا إلى حفرة عَظيمة فوضعوا فيها ذلك الحَطَب وأَضرموا النار فيها فتأججت والتهبت وعلا لها شررٌ عظيمٌ لم يُر مثله، وكانوا لا يستطيعون لقوة لهبها أن يتقدموا منها، ثُمَّ لَمّا كانوا لا يستطيعون أن يُمسكوا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأيديهم ويرموه في هذه النّار العظيمة لشدة وهجها، صَنَعُوا المَنجنيق ليرموه من مكان بعيد، فأخذوا يُقيدون إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو عليه الصلاة والسلام متوكل على الله حق توكله، فلمّا وضعوه عليه السلام في كفة هذا المنجنيق مُقيدًا مكتوفًا وألقوه منه إلى وسط النار قال: "حَسبُنا الله ونعم الوكيل" كما رَوى ذلك البخاري عن ابن عباس.
فَلمّا أُلقي إبراهيم لم تحرقه النارُ ولم تصبْه بأذى ولا ثيابه، لأن النارَ لا تحرقُ بذاتها وطبعها وإنما الله يَخلقُ الإحراق فيها، قال الله تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [سورة الأنبياء/69].
فكانت هذه النار الهائلة العظيمة بَردًا وسلامًا على إبراهيم فلم تحرقه ولم تحرق ثيابه، وقيل: لم تحرق سوى وِثاقه الذي وثقوا وربطوا به إبراهيم عليه السلام. ويُروى عن بعض السلف أنَّ جبريل عليه السلام عرض له في الهواء فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.
ولَمّا خبا سَعِيرُ هذه النار العظيمة وانقشع دخانها وجدوا إبراهيم سليمًا معافى لم يصبه أيُّ أذى فتعجبوا لأمره ونجاته، ومع أنهم رأوا هذه المعجزة الباهرة ظلوا على كُفرهم وعنادهم ولم يُؤمنوا بنبيّ الله إبراهيم عليه السلام، لقد أرادوا أن ينتصروا لكفرهم فخُذِلوا، يقولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ [سورة الأنبياء/70]، وقال: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ﴾ [سورة الصافات97-98].

قصص الأنبياء

قائمة قصص الأنبياء