في الفقه الإسلامي دليل الحاج والمعتمر والزائر
 كيفية أداء الحج والعمرة

كيفية أداء الحج والعمرة

دليل الحاج والمعتمر والزائر

الحج أركان الحج ستة:

(الأول) الإحرام: أي نيّة الدخول في النسك.
على من أراد الحج أن ينوي بقلبه ولو من لبنان أو سوريا أو الأردن أو فلسطين مثلًا أو بعدها ولكن قبل مجاوزة الميقات (ءابار عليّ) وهو بعد المدينة بحوالي خمسة عشر كيلومترًا على طريق مكة؛ هذا بالنسبة لأهل بلاد الشام الذين يسلكون طريق المدينة بالبرّ، أما بالنسبة للذي يسافر من بلده بالطائرة فيحرم في بلده أو في الطائرة قبل مجاوزة الميقات.

(الثاني) الوقوف بعرفة: ثم إِن الحجاج يتوجهون بعد ذلك إلى عرفة وهو جبل معروف هناك، واستحسن بعض العلماء أن يقول في مسيره: "اللهمَّ إليكَ توجهتُ ولوجهك الكريمِ أردتُ، فاجعلْ ذنبي مغفورًا وحجي مبرورًا وارحمني ولا تخيبْني إنك على كل شىء قدير" ويكثر من التلبية. قال الماوردي: يستحب أَن يسيروا على طريق ضب ويعودوا على طريق المأزمين اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم وليكن عائدًا في طريق غير الذي صدر منها كالعيد. واعلم أن عرفات ليست من الحرم. - ووقت الوقوف من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر العيد. ويستحب الجمع بين الليل والنهار، وشرط بعض الفقهاء ذلك. ويشترط أن يكون الحاج هناك في الوقت المذكور وليس شرطًا أن يكون هناك واقفًا بل لو دخل راكبًا أو نائمًا صح ذلك. واجب الوقوف بعرفة شيئان:
1 - كونه في وقته المحدود وهو من زوال الشمس يومَ عرفة إلى طلوع الفجر ليلة العيد، فمن حصل بعرفة لحظة لطيفة من هذا الوقت صح وقوفه وأدرك الحج، ومن فاته ذلك فقد فاته الحج لذلك قال عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة".
2 - كونه أهلًا للعبادة وسواءٌ فيه الصبي والنائم وغيرهما، وأما المغمى عليه والسكران فلا يصح وقوفهما لأنهما ليسا من أهل العبادة.

(الثالث) الطواف بالبيت سبع مرات: طواف الفرض الذي لا بدّ منه لصحة الحج هو طواف الإفاضة. (واعلم) أن في الحج ثلاثة أطوفة: طواف القدوم، وطواف الإِفاضة، وطواف الوداع. ومحل طواف الإِفاضة بعد الوقوف ونصفِ ليلة النحر أي ليلة عيد الأضحى، وطواف الوداع عند إرادة السفر من مكة بعد قضاء جميع المناسك. واعلم أن طواف القدوم سنة ليس بواجب. [كيفية الطواف] إذا دخل المسجد فليقصد الحجر الأسود. ويستحب أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه بشرط أن لا يؤذي أحدًا بالمزاحمة فيستلمه ثم يقبله من غير صوت يظهر في القُبلة ويسجد عليه ويكرر التقبيل والسجود عليه ثلاثًا، ثم يبتدئ الطواف ويقطع التلبية في الطواف. ويستحب أن يضطبع(1) مع دخوله في الطواف فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس، وكيفية الطواف أن يحاذي بجميعه جميع الحجر الأسود فلا يصح طوافه حتى يمر بجميع بدنه على الحجر الأسود. [ويستحب في الطواف] الرَّمَل(2) بفتح الراء والميم وهو الإسراع في المشي مع تقارب الخُطَا دون الوثوب والعَدْوِ ويقال له الخَبَب، والرمل مستحب في الطوفات الثلاث الأُول، ويسن المشي على الهيْنة في الأربع الأخيرة. ويستحب استلام الحجر الأسود وتقبيله واستلام اليماني وتقبيل اليد بعده عند محاذاتهما في كل طوفة وهو في الأوتار ءاكد لأنهما أفضل، فإن منعته زحمة من التقبيل اقتصر على الاستلام، فإن لم يمكنه أشار إليه بيده أو بشىء في يده ثم قبّل ما أشار به ولا يشير بالفم إلى التقبيل. ولا يستحب للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خلو المطاف.

(الرابع) السعي بين الصفا والمروة سبع مرات: السنة أن يخرج من باب الصفا ويأتي سفح جبل الصفا فيصعد قدر قامة حتى يرى البيت وهو يتراءى له من باب المسجد باب الصفا لا من فوق جدار المسجد بخلاف المروة فإِذا صعد استقبل الكعبة وهلل وكبر ويقول: "الله أكبرُ الله أكبر الله أكبرُ ولله الحمدُ، الله أكبر على ما هدانا والحمدُ لله على ما أَوْلانا، لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يُحيي ويميتُ بيدهِ الخيرُ وهوَ على كلّ شىءٍ قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، أنْجَزَ وَعْدَهُ ونَصَرَ عبدَه وهزمَ الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله ولا نعبدُ إلا إياه، مخلصينَ له الدينَ ولو كرهَ الكافرون"، ثم يدعو بما أحبَّ من أمر الدين والدنيا، وحسنٌ أن يقول: "اللهمَّ إنك قلتَ وقولُك الحقُّ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (60)﴾[سورة غافر] وإنكَ لا تُخلفُ الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإِسلام أن لا تَنزِعَهُ مني وأن تتوفاني مسلمًا" ثم يضم إليه ما شاء من الدعاء ولا يلبي. ولا يصح السعي إلا بعد طوافٍ صحيحٍ. ويقول أثناء سعيه: "ربّ اغفر وارحمْ وتجاوزْ عما تعلَم، إنكَ أنتَ الأعزُّ الأكرم". ثم ينزل من الصفا متوجهًا إلى المروة فيمشي حتى يبقى بينه وبين الميل الأَخضر المعلق بفناء المسجد على يساره قدر ستة أذرع، ثم يسعى سعيًا شديدًا حتى يتوسط بين الميلين الأَخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار العباس رضي الله عنه، ثم يترك شدة السعي ويمشي على عادته حتى يصل المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت إن ظهر فيأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا فهذه مرة من سعيه، ثم يعود من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه في مجيئه ويسعى في موضع سعيه فإذا وصل الصفا صعده وفعل كما فعل أوَّلا وهذه مرة ثانية من سعيه، ثم يعود إلى المروة فيفعل كما فعل أوَّلا ثم يعود إلى الصفا وهكذا حتى يكمل سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. ويستحب أن يسعى على طهارة ساترًا عورته، فلو سعى مكشوف العورة أو محدثًا أو جنبًا أو حائضًا أو عليه نجاسة صح سعيه. ويستحب أن يكون سعيه في موضع السعي الذي سبق بيانه سعيًا شديدًا فوق الرَّمَل فإن ترك ذلك فاتته الفضيلة، وأما المرأة فالأصح أنها لا تسرع في المشي أصلًا بل تمشي على هينتها بكل حال. وإذا كثرت الزحمة فينبغي أن يتحفظ من إيذاء الناس، وترك هيئة السعي أهون من إيذاء المسلم أو من تعرض نفسه إلى الأذى، وإذا عجز عن السعي الشديد في موضعه للزحمة تشبه في حركته بالساعي. ويستحب الموالاة بين مرات السعي فلو فرّق بلا عذر تفريقًا كثيرًا لم يضرَّ على الصحيح. قال الشيخ أبو محمد الجويني رحمه الله تعالى: "رأيت الناس إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على المروة وذلك حسن وزيادة طاعة لكن لم يثبت ذلك عن رسول الله". ثم إذا خرجوا يوم التروية إلى منى فالسنة أن يصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيتوا بها ويصلوا بها الصبح، وكل ذلك مسنون ليس بنسك واجب فلو لم يبيتوا بها أصلًا ولم يدخلوها فلا شىء عليهم لكن فاتتهم السنة. • فائدة: اليوم الثامن من ذي الحجة يسمى يوم التروية فإنهم يَتَرَوَّوْنَ معهم الماء من مكة، واليوم التاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القَرّ بفتح القاف وتشديد الراء لأنهم يقرون فيه بمنى، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني. تنبيه: لا يسمى يوم الجمعة إذا صادف الوقوف فيه الحج الأكبر، إنما الحج الأكبر هو يوم عيد الأضحى لأن الحاج يكون أنهى معظم أعمال الحج.

(الخامس) الحلق أو التقصير: بعد ذلك يحلق الرجل أو يقصّر، وإن شاء قدم هذا الركن على الرمي، ووقت إجزاء الحلق أو التقصير من النصف الثاني من ليلة العيد، وقبل ذلك حرام أن يزيل الحاجّ والحاجّة شعرة واحدة من بدنهما. وأقل واجب الحلق ثلاث شعرات حلقًا أو تقصيرًا أو بغير ذلك من شعر الرأس، ومن لا شعر على رأسه يستحب أن يمرّ الموسى عليه. والحلق للرجل أفضل من التقصير بالمقصّ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهمّ اغفرْ للمحلّقين قالوا: والمقصّرين يا رسول الله، قال: اللَّهمّ اغفر للمحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله، ثم قال: وللمقصرين" رواه البخاري. والسّنّة أن يكون الحلق أو التقصير يوم النَّحر، والأفضل بعد طلوع الشمس وقبل طواف الركن والسعي، ويسنّ حلق جميعه للذكر، أما المرأة فتقصّر ولا تحلق والأفضل أن تأخذ شيئًا من الشعر من جميع جوانب الرأس.

(السادس) الترتيب في معظم الأركان. يشترط تقدم الإحرام على جميع الأركان، ويشترط تقدم الوقوف على طواف الإفاضة والحلق. ويشترط أن يكون السعي بعد طواف صحيح، فلو سعى بعد طواف القدوم صح سعيه. ولا يجب الترتيب بين الطواف والحلق.
• فائدة: اعلم أنه يوجد في الحج تحلّلان:
أ - تحلل أول وهو بالإتيان باثنين من ثلاثة من:
1 - طواف الإفاضة
2 - ورمي جمرة العقبة
3 - والحلق أو التقصير، والثلاثة يدخل وقتها بعد منتصف ليلة العيد ويحل بالتحلل الأول ما حرم على المحرم سوى أمور النساء.
ب - وتحلل ثان وهو بالإتيان بالأمور الثلاثة ويحل له بذلك ما حرم بالإحرام.
-------------

(1) والاضطباع معناه أن يمر طرف ردائه الأيمن من تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفي ردائه على كتفه الأيسر.
(2) هذا في الطواف الذي يعقبه سعي.