#

أقوى رابطة

أقوى رابطة
أما بعد، فإنَّ أعظم نعمةِ الله تعالى على العباد نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، ثم هذه النعمة من حافظ عليها حتى نهايةِ عُمرِه في هذه الحياةِ الدّنيا فهو السعيد الناجي في قبره وفي الآخرة، فنسألُ اللهَ تعالى أنْ يُحيِيَنا على شريعة الله وأن يُميتنا عليها وأن يبعثَنا عليها يوم القيامة. ثم هذه النعمة، نعمة الإسلام، هي أقوى رابطة بين المؤمنين، لا تُوازيها الرَّوابِط الأُخرى. فمن هنا يكون مُتحتّمًا علينا أن نتحابَّ ونتواصلَ ونتزاور ونتناصحَ، يُحبُ أحدنا لأخيه ما يحبُّ لنفسِه من الخير ويكره لأخيه ما يكره لنفسه من الشَّرّ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى: المتحابّون بجلالي أُظِلُّهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلي" معنى الحديث أنَّ الله تعالى أوحى إلى نبيّه عليه السلام وحيًا غيرَ قرءانيّ لأنّ الرسول كان يوحى إليه من القرءان، جبريل يقرؤه عليه بأمر الله، وجبريل يأخذه بأمر الله من اللوح المحفوظ ثمَّ يقرؤه على الرسول. وهناك وحي ءاخر ليس من القرءان، في هذا الوحي الذي هو من غير القرءان، الله تعالى أوحى إلى نبيّه أنه تبارك وتعالى أخبره بأن المسلمين المتحابين لأَجل الله ليس لأجل المال ولا للقرابة بل لأجلِ الله تعالى يوم القيامة يكونون في ظل الله أي ظلّ العرشِ. في ذلك الوقت البشر يقاسون شدة حرّ شمس يوم القيامة، شمس ذلك اليوم أقوى من حيث الحرارة من شمس يومنا في الدنيا بكثير، تكون قريبة من رؤوس الناس مقدار ميل، مسافة ميل، مسافة نصف ساعة تقريبًا من رؤوس الناس، فيشتد الحرّ، فيقاسي الكفار ما لو كان هناك موت لماتوا لكن لا موت في الآخرة مهما تأذوا يبقون أحياء، وبعض عصاة المسلمين أيضًا يقاسي من حرّها لكن أقلَّ مما تقاسيه الكفار. أمَّا المسلمان اللذان يتحابَّان في الله أي لأجل الله، لأنهما يتعاونان على البرّ والتقوى، على عمل البرّ، على عمل الخير، هذان الله تعالى يجعلهما تحت ظل العرش لا يصيبهما شىء ولا يصيبهما ملل من طول ذلك اليوم. يوم القيامة كلُّه قدر خمسين ألف سنة، هذا اليوم الطويل على المؤمن الديّن، المتمسك بالدين يجعله الله كما بين العصر إلى غروب الشمس، يجعله عليهم خفيفًا لا يصيبهم ملل ولا جوع ولا عطش. ثم بعد ذلك يدخلون الجنة، ويخفّف الله عليهم طول ذلك اليوم الذي هو مقدار خمسين ألف سنة مع أن الشمس ذلك اليوم لا تطلع ولا تغرب تبقى فوق رؤوس الناس. ليس ذاك الأمر مثل اليوم غروب وشروق، غروب وشروق، لا يوجد هناك. من أول ما تقوم القيامة الشمس تدنو إلى رؤوس الناس تنـزل إلى مسافة بعيدة نزولًا. ثم هذا اليوم الطويل على هؤلاء الذين يكونون تحت ظل العرش الله تعالى يجعله خفيفًا عليهم، هذا الزمن الطويل يجعله كما بين العصر إلى غروب الشمس، هذا اليوم الذي طوله خمسون ألف سنة. اللهم اجعلنا من هؤلاء المتحابين فيك المتزاورين فيك المتناصحين فيك المتواصلين فيك، اللهم ربنا أحينا على السنة وأمتنا عليها وابعثنا عليها بسرّ الفاتحة.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , العلّامة المحدّث