#

تفسير قوله عز وجل: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

تفسير قوله عز وجل ﴿وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
أما بعد فإن الله تبارك وتعالى قال ﴿يَأَيُّهَا الّذينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ءاكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه".
ثم الربا أنواع: ربا القرض، وربا الفضل، وربا النَّساء، وهو ثلاثة أنواع. فربا القرض هو أن يقرض الشخص شخصًا مالًا ويشترط عليه الردَّ مع الزيادة أو يشترط عليه شرطًا يجُرُّ به منفعة له وذلك كأن يقرض إنسانًا محتاجًا ألف درهم على أن يردَّه إليه مع زيادة عشرةٍ أو أقلَّ أو أكثر، أو يشترط عليه أن لا يتعامل مع غيره، أو يشترط عليه أن يرهنه داره ليسكنها مجَّانًا، أو بسعر مخفوض، وذلك لأنَّ الله تعالى سنَّ القرض لعباده للمواساة لا للاسترباح.
ومن ذلك أن يقرضه ويشترط عليه ركوب سيارته واستعمالها إلى أن يوفّيه الدّين، وذلك كلُّه ربا. ومن ذلك أن يشترط عليه أن يترك عنده ساعة على أنه إذا لم يردَّ عليه ماله في وقت كذا أنّها ذهبت عليه.
وأمّا ربا الفضل فهو أن يبادل الذّهب بالذّهب بلا مساواة بالوزن، أو الفضة بالفضّة بلا مساواةٍ في الوزن، وكذلك أن يبادل الحنطة البيضاء بالحنطة السَّمراء بلا مساواةٍ في الكيل، أو السكر الأبيض بالسكر الأحمر بلا مساواةٍ في الكمِّية، أو الملح الجبليَّ بالملح البحريِّ بلا مساواةٍ في الكمِّية، وهكذا بيع كلِّ مطعومٍ بمطعومٍ من جنسه بلا مساواةٍ، كأن يبادل نوعًا من التمر بنوعٍ ءاخر بلا مساواةٍ في الكمِّية، ولو كان أحدُهما أرفع قيمةً من الآخر فإنَّ ذلك ربًا حرام من الكبائر.
وأما ربا النَّساء بفتح النون، فهو مبادلة ذهبٍ بذهبٍ مع التساوي بالوزن، لكنه مع تأخير القبض إلى أجلٍ طويلٍ أو قصير؛ أو أن يبادل سكّرًا بسكّرٍ مثله في الكمية؛ لكن مع تأخير القبض عن مجلس المبادلة. ومن ذلك ما لو دفع إنسانٌ قطعة ذهبٍ إلى صائغ ليعطيه حليَّ ذهبٍ من غير تسويةٍ في الوزن فذلك ربا. ولا نظر إلى قيمة الصَّنعة شرعًا، فإذا قال صائغ أعطيك هذا الحليّ ووزنه عشر غرامات على أن تعطيني هذه القطعة التي وزنها خمسة عشرة غرامًا من أجل قيمة صنعة يدي كان ذلك ربا.
ومن الرّبا لو دفع إلى الصرَّاف قطعة ذهب غير مسبوكة ليعطيه عددًا من الجنيهات الذَّهبيّة المسبوكة بلا تسويةٍ في الوزن فإنَّ ذلك ربا.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله