#

تفسير قوله عز وجل: فاعلم أنه لا إله إلا الله

تفسير قوله عز وجل ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾
قال الله تبارك وتعالى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الله تبارك وتعالى قدّم ذكر العلم على الاستغفار. قال الله تعالى لنَبِيِّه ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ المعنى اثبت على هذا، اثبت على العلم بالله أي على معرفة الله وتوحيده بالعبادة. هو الرسول عليه الصلاة والسلام نشأ على الإيمان قبل أن ينـزل عليه الوحي، كان مؤمنًا بالله عارفًا بالله. الله تبارك وتعالى أراد بهذا إعلام أمته بأنه يجب على أمته الثبات على العلم بالله أي على توحيده ومعرفته. وإنما قدّم ذكر العلم لأنه بدون العلم بالله أي بدون معرفة الله لا ينفع الاستغفار أي قول أستغفر الله، لا ينفع قبل الإيمان بالله، قبل معرفة الله، قبل توحيد الله تعالى. أما من لم يعرف الله كما يجب لا ينفعه الاستغفار، قول أستغفر الله، أو رب اغفر لي أو غفرانك ربَّنا، كل هذا لا ينفعه. العلم بالله هو أفضل الأعمال، ومعنى العلم بالله هو الاعتقاد بوجود... بوجوده تعالى بلا تشبيه ولا تمثيل، بأن الله تبارك وتعالى هو الموجود الذي ليس له شبيه ولا نظير، أوجد العالم من عدم، لم يكن شىء إلا الله. الله تعالى هو الموجود الذي لم يزل موجودًا ليس لوجوده ابتداء. أما ما سوى الله كان معدومًا، كل شىء سوى الله كان معدومًا حتى النور والظلام والعرش كل هؤلاء لم يكن موجودًا ثم أوجده الله تعالى. وكذلك الزمن والمكان لم يكونا موجودين. الله تبارك وتعالى قبل كل هذه الأشياء قبل الأجسام اللطيفة وقبل الأجسام الكثيفة.
الأجسام قسمان لا ثالث لهما، الجسم الكثيف والجسم اللطيف. الجسم الكثيف كل شىء يمسك باليد أي يصح أن يمسك باليد، وأما الجسم اللطيف فهو الشىء الذي لا يُضبط باليد. الجسم الكثيف هو مثل الإنسان والحجر والشجر والشمس والقمر والعرش. العرش جسم كثيف لأنه تحمله في الدنيا أربع من الملائكة وفي الآخرة ثمانية. العرش جسم كثيف كالسماء كالأرض والشمس والقمر. الشمس جسم كثيف والقمر كذلك والنجوم كذلك. أما اللطيف، الجسم اللطيف مثل النور أي الضوء، الشمس هي جسم كثيف، والقمر كذلك، لكن نورهما جسم لطيف. الضوء لا ينضبط باليد لكنه موجود، والظلام كذلك جسم لطيف، كذلك الريح جسم لطيف، كذلك الروح جسم لطيف. فالعالم إما جسم كثيف وإما جسم لطيف، فالله تبارك وتعالى هو الذي أوجد الجسم الكثيف كل أنواعه، وهو الذي أوجد الجسم اللطيف كل أنواعه. الله الذي أوجد هؤلاء بعد أن كانا معدومين لا يجوز أن يكون مشابهًا لشىء من ذلك. مضى وقت لم يكن فيه نور ولا ظلام وذلك أن أول ما خلق الله الماء ثم العرش، ثم شيئان ءاخران اللوح المحفوظ والقلم الأعلى. فلما خلق الماء والعرش والقلم الأعلى واللوح المحفوظ لم يكن نور ولا ظلام، فهذا عقل الإنسان لا يتصوره لكن يجب الإيمان بأنه لم يكن في وقت من الأوقات نور ولا ظلام. يجب علينا أن نؤمن بذلك وإن كنا لا نستطيع أن نتصور في نفوسنا ذلك الوقت الذي كان بلا نور ولا ظلام. يجب علينا الإيمان بذلك لأن الله أخبر بذلك في القرءان، قال تعالى ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾. بعد أن ذكر خلق السموات والأرض، ذكر خلق الظلمات والنور، قرن النور بالظلمات، فأفهمنا أن الله تعالى ليس كشىء من هذه الأشياء لا هو كالضوء ولا هو كالظلام ولا هو كالريح ولا هو كالروح. كما أفهمنا أنه ليس جسمًا كثيفًا كالإنسان والحجر والشجر، أفهمنا أنه تبارك وتعالى موجود لا كالموجودات أي لا يشبه شيئًا من الموجودات.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله