#

امتياز التقي في الآخرة وعند الموت

امتياز التقي في الآخرة وعند الموت
أما كمال الإيمان والإسلام فهو بأداء الفرائض، أي بأداء ما افترض الله جميعها واجتناب المحرّمات جميعها، فبذلك يكون كمال الإيمان والإسلام، وبين المرتبتين درجات بعضها فوق بعض. فمن أدّى أكثر الفرائض وترك أقلها ليس كمن ترك أكثر الفرائض وأتى بأقلها. كذلك من تجنّب أكثر الكبائر، أكثر كبائر الذنوب، ولم يتجنب أقلها فهو أفضل من الذي لا يتجنب من الكبائر إلا القليل منها. فليس كما يفهم بعض الناس، بعض الناس يظنّون أن معنى المسلم الذي ينطق بالشهادتين سواء أدّى الفرائض أو لم يؤد الفرائض. وأما المؤمن فهو الذي متمسّك بأمور الدين يؤدّي الفرائض، هذا يعتبرونه مؤمنًا لكنه في الحقيقة المؤمن هو المسلم والمسلم هو المؤمن. إنما هناك مرتبتان مرتبة كاملة ومرتبة غير كاملة.
فالمرتبة التي هي غير كاملة، الإنسان إذا نطق بالشهادتين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، وصدَّق بقلبه معنى هاتين الشهادتين ثم لم يؤدّ الفرائض مع أنه صدّق بأن جميع ما جاء به محمد حقّ إجمالًا وتفصيلًا، مع ذلك ما أدّى الفرائض كلّها ولا تجنّب المنكرات أي المحرمات ما تجنب، فهذا مسلم ومؤمن في أقل مراتب الإسلام والإيمان، في أقل مراتب الإسلام والإيمان، يُعَدُ مسلمًا مؤمنًا لكنّه في أقل المراتب. ثم على حسب ما يجدّ في أداء الفرائض واجتناب المعاصي يترقى، فإذا وصل إلى مرتبة أنه أدّى جميع ما افترض الله عليه واجتنب جميع ما حرّم الله عليه صار مؤمنًا مسلمًا كاملًا، صار مسلمًا مؤمنًا كاملًا.
والفرق بين أهل المرتبتين أن أهل المرتبة الكاملة وهم المسلمون المؤمنون الذين يؤدّون الفرائض كلّها ويجتنبون المحرمات كلّها، هؤلاء في الآخرة لهم امتياز عن غيرهم من المسلمين، لهم امتياز في الآخرة وعند الموت أيضًا لهم امتياز عن غيرهم من المسلمين الذين ما وصلوا إلى هذه الدّرجة. فهؤلاء الذين وصلوا إلى المرتبة الكاملة أي ءامنوا بالله ورسوله وأدّوا أي فعلوا الفرائض كلَّها واجتنبوا المحرّمات كلها، هؤلاء لهم امتياز في الدنيا قبل موتهم قبل أن يفارقوا الدنيا، أي قبل أن تخرج أرواحهم من أبدانهم، وبعد ذلك في البرزخ أي في مدّة القبر، ويوم القيامة في الآخرة لهم امتياز.
أما امتيازهم عند الموت، فإن ملائكة الرحمة يأتونهم، هؤلاء ملائكة الرحمة ملائكة خلقهم الله تعالى يظهرون بأشكال حسنة جميلة يأتون إلى هذا الإنسان المؤمن التقي الذي كان يؤدّي الواجبات كلها ويجتنب المعاصي كلها، يأتون إليه وهو يراهم، هو يشاهدهم فيجلسون منه على مدًى، على مسافة.
ثم يأتي عزرائيل فيبشره برحمة الله ورضوانه فيقول أبشر برحمة الله ورِضْوانِه. هذا تبشير من عزرائيل لهذا المسلم التّقي. وأما ملائكة الرّحمة فينظرون إليه نظرة احترام وإكرام فيدخل عليه سرور عظيم ولو كان هو متألمًا من سكرات الموت الذي هو أشدّ ألم يقاسيه الإنسان في حياته كلها. قبل ذلك أي ألم يقاسيه الإنسان قبل سكرة الموت فهو أخفّ من ألم سكرة الموت، لا يلقى الإنسان ألمًا في حياته كلها أشدّ من ألم سكرة الموت، مع كونه في هذا الألم الشديد يدخل عليه فرح عظيم وسرور كبير برؤية هؤلاء ملائكة الرحمة.
الرسول صلى الله عليه وسلم وصفهم فقال " كأن وجوهَهُم الشمس" ويقولون لهذا المؤمن التقي ﴿نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ﴾ [سورة فصّلت، ءاية 31] معناه أنت في مستقبلك فيما بعد لك ما تشتهي نفسك، أي بعد أن تُبعَث من القبر لك في الجنة لك ما تشتهي نفسك، هكذا يبشّرون الأتقياء. ثم هذا الإنسان التقي روحُهُ يُصْعَد بها إلى السّماء السابعة وكلما مرَّ ملائكةُ الرحمة بهذا الروح على فوج من أفواج الملائكة الذين هم بين الأرض والسماء يشُمّونَ له رائحة طيبة، فيقولون مَن هذا الرّوحُ الطّيب، فيقال لهم الذين يحملونه فلان ابن فلان يسمّونه بأحسنِ أسمائِه فينتهون به إلى السماء الأولى فيستفتحون. هذه السماء لها أبواب، لها أبواب، من جملة هذه الأبواب باب يسمى باب التوبة مسيرة عرضه سبعُونَ عامًا، هذا بابٌ واحدٌ من أبواب السماء. ويوجد هناك بابٌ ءاخر يسمّى باب الحَفَظَة. باب التوبة مسيرة عرضه سبعون عامًا، والباب الثاني يسمى باب الحفظة، وهو الباب الذي عَرَجَ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إلى السموات السّبع إلى ما فوق ذلك، وهو المستوى الذي كان يسمع فيه صريف الأقلام، فيصعدون هؤلاء ملائكة الرّحمة بروح هذا المسلم التّقي إلى السّماء الأولى فيُفتح لهم، فيشيّعه مِن هذه السماء المقرّبون فيها إلى السّماء التي فوقهم، المقربون من هذه السماء الأولى يشيّعونه إلى السماء التي فوقهم، ثم يُفتح له باب السماء الثاني…

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله