#

أمر الله بالتفكّر

أمر الله بالتفكّر
في هذه الآية ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ لا تدلُّ "ثُمَّ" على أنَّ الله تعالى خلق السموات والأرض ثمَّ بعد أن وجدتا، وجدت السموات والأرض، صعد إلى العرش وجلس عليه كما يزعم المشبّهة الذين حُرِموا من فهم الدَّلائل العقليَّة. العقل له اعتبار في الشرع لذلك أمر الله بالتَّفكُّر في أكثر من ءاية. والتَّفكُّر هو النَّظر العقليُّ. هؤلاء حُرِموا، حرموا من ذلك، من معرفة الدَّلائل العقليَّة التي يعرف بها ما يصِحُّ وما لا يصِحُّ. مثالٌ لذلك يبيّن سخافة هؤلاء الذين يعتقدون في الله التَّحيُّز في المكان والحدَّ والمساحة، دليل يوضح سخافةَ عُقول هؤلاء وهو أنَّهم يفسّرون حديث "ينـزل ربُّنا كلَّ ليلة إلى السَّماء الدُّنيا في النِّصف الأخير" وفي لفظ "في الثلث الأخير"، "فيقول هل من داع فأستجيبَ له وهل من مستغفر فأغفرَ له وهل من سائل فأعطيَه حتَّى ينفجر الفجر"، ظاهر هذا الحديث، وهو حديث صحيح إسنادًا، ظاهر هذا الحديث على زعم هؤلاء، تمسّكوا به، تمسّكوا بظاهر هذا الحديث، الذين تمسَّكوا بظاهر هذا الحديث، أنَّ الله يبقى في الثُّلث الأخير من الليل إلى الفجر وهو يقول هذا الكلام. هؤلاء فهمهم هذا دليلٌ على سخافة عقولهم وذلك لأنَّ الليل يختلف باختلاف البلاد، فالليل في أرض والنَّهار في أرض أخرى، ونصف الليل في أرض أول النهار في أرض، إلى غير ذلك من الاختلافات. فعلى قولهم يلزم أن يكون الله تبارك وتعالى في السَّماء الدُّنيا طالعًا منها إلى العرش كل لحظة، كلَّ لحظة من لحظات الليل والنَّهار، هذه سخافة عقل. أما تفسير أهل السنَّة الذين ينـزّهون الله عن المكان والجهة والحدّ، عندهم هذا النـزول ليس نزولًا حسّيًا بل عبارةٌ عن نزول ملائكة الرَّحمة إلى السَّماء الدُّنيا بالنِّسبة لكلّ أرض على حسب ليل تلك الأرض، هؤلاء ملائكة الرَّحمة ينـزلون فيبلّغون عن الله يقولون إنَّ ربَّكم يقول هل من داع فيُستجابَ له أو هل من داع فأستجيبَ له، هل من مستغفر فأغفرَ له، هل من سائل فأعطيه هم يبلّغون عن الله بأمره، هذا معنى ينـزل ربُّنا كلَّ ليلة إلى السَّماء الدُّنيا فيقول كذا وكذا حتى ينفجر الفجر. على هذا المعنى يصحُّ، شىء معقول، يقبله العقل. أمَّا على ما يفهمه أولئك من أنَّ الله بذاته ينـزل من علو إلى سفل هذه سخافة عقل، لا يقبلها عقلٌ ولا شرع. أمَّا نزول الملائكة بأمر الله ليُبلّغوا عنه، سيبادروا بما أمرهم به، هذا شىء يوافق العقل والشرع، أهل السنَّة الله تعالى هداهم للمعاني التي توافق الشَّرع والعقل أما أولئك محرومون، محرومون من هذا، يعيشون في السَّخافة، يعيشون وَهُم يردِّدون سخف القول حتَّى إنَّ بعضهم من شدَّة السَّخافة قال الحديث الذي ورد أنَّ جهنَّم يوم القيامة "يُقال لها هل امتلأتِ، فتقول هل من مزيد فيضع الجبَّار قدمه فيها" وفي رواية "رجله فيها فينـزوي بعضها إلى بعض فتقول قطٍ قطٍ" هذا الحديث أيضًا، هؤلاء يفسّرونه بسخفٍ من القول، على زعمهم الله تعالى له أعضاء فيضع رجله بمعنى العضو في جهنَّم فتهدأُ جهنَّم، قال بعضهم هو من هذا العصر، من أهل العصر، دكتور، قال هو لَمَّا يضع قدمه فيها لا تحترق رجله كما أنَّ الملائكة، ملائكةَ العذاب، لا تحترق أرجلهم، ساواه بخلقه، ساوى الله تعالى بخلقه، جعل له عضوًا هي الرجل يضعها في جهنَّم فيملأ جهنَّم، تكتفي تقول اكتفيت اكتفيت. أمَّا المعنى الصحيح الذي هو معنى الحديث الذي أراده الرَّسول ﷺ بالقَدم هو جماعة من الكفَّار من أهل النَّار، ءاخرُ فوج يضعه في جهنَّم، فيملأ جهنَّم بهم. يقال في لغة العرب القَدَم لما يُقدَّم من الشىء، يقال القَدَم لما يقدم من الشىء، كذلك يقال في اللغة رجل من جراد يعني فوج من جراد. رواية "رجلَه" ورواية "قدَمَه" كلتاهما لهما معنًى صحيح لا يخالف العقل ولا الشرع. أمَّا على قولهم فقد يكونوا قد كذَّبوا القرءان وخالفوا قضيَّة العقل. أمَّا القرءان فالله تبارك وتعالى قال ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاء ءالِهَةً مَّا وَرَدُوهَا﴾ عن الأوثان يوم القيامة، الأوثان تُرمى في جهنَّم إهانة للكفَّار الذين كانوا يعبدونها. الأوثان ترد جهنَّم يوم القيامة، الله تعالى يقول هذه الأوثان لو كانت ءالهة تستحقُّ أن تعبد ما دخلت جهنَّم، الله الذي أخبر بهذا يصحُّ في العقل أن يحُطَّ جزءًا منه في جهنَّم، أن يرد جهنَّم؟! أن يدخل جهنَّم؟! ساوَوه بالأوثان التي تُرمى في جهنَّم يوم القيامة، تدخل جهنَّم. هؤلاء سخفاء، لا يغرَّنَّكم إن قالوا نحن على مذهب السَّلف، قولوا لهم كذبتم لستم على مذهب السَّلف إنما تُموّهون على النَّاس فتستميلون ضعفاء العقول. الحاصل أنَّ هؤلاء، اعلموا أنَّهم ليسوا على مذهب السَّلف. في العقيدة، فيما يتعلَّق بصفات الله ليسوا على عقيدة السَّلف، كذلك في كثير من الأعمال في تحريمهم التَّوسُّل بالأنبياء والأولياء، هذا ليس من عقيدة السَّلف.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله