#

أنبياء الله عليهم السلام صادقون

أنبياء الله عليهم السلام صادقون
الاختلافَ في العقيدةِ لم يكنْ بينَ الصَّحابةِ، كانُوا كلُّهم على عقيدةٍ واحدةٍ. وإنَّما الاختلافُ الذي حصلَ بينَهم في فروعِ الأحكامِ الفِقهيّةِ، كبعضِ مسائلِ الصلاةِ ومسائلِ الزكاةِ ومسائلِ الحجِّ ومسائلِ الصِّيامِ، وغيرِ ذلكَ من أحكامِ المعاملاتِ. هذا الذي كان حصلَ بينَ الصَّحابةِ، أمّا في العَقيدةِ فلم يكن بينهم اختلافٌ. ثم جمهورُ الأمَّةِ اتّبعوهم على ذلكَ، اتبعُوا الصحابةَ. جمهورُ هذه الأمَّة إلى يومِ القيامة لا يزالونَ على العقيدةِ التي كان عليها الصَّحابةُ، وإن كانُوا في العَمَلِ متأخّرينَ عمَّا كانَ عليهِ الصَّحابةُ. الصَّحابةُ كانُوا يتواصَوْنَ فيما بينَهم، يُساعدُ الغَنيُّ الفقيرَ ويعطِفُ عليه ويُنصِفُ الـمَظلومَ. في هذا، المسلمونَ، جمهورُ المسلمينَ اليوم متأخرون ليسوا مثل الصحابة، ليسوا مثل الصحابة. أمَّا في العقيدة فلا يزالون على كما كان عليه الصحابة. الاختلاف الذي يضرّ هو الاختلاف في أصل الدّين كاختلاف اليهود والنصارى، في أصل الدّين هؤلاء اختلفوا. سيّدنا موسى عليه السّلام قال لليهود: إنَّ الله تعالى لا يشبه شيئًا وإنّه يجب الإيمان بجميع الأنبياء، يجب تصديق كلّ نبيّ. ما قال لهم ليس بعدي نبيّ، كلّ من ادّعى النّبوة بعدي فهو كاذب، لم يقل لهم. قال لهم كلّ أنبياء الله صادقون ءامنوا بهم، لا تكذّبوا نبيًّا من الأنبياء الذين مَضَوا قبلي والذين يأتون بعدي صدّقوهم، هذا الذي قاله موسى لهم. ثمّ هم خالفوه، فشبّهوا الله بخلقه جعلوا له وجهًا وقفا، قالوا خلق السماوات والأرض في ستة أيام فتعب، فاستلقى على قفاه ليستريح، جعلوه مثل البشر. ثم أيضًا خالفوه في تكذيبهم بالأنبياء الذين جاؤوا بعد موسى إلّا بعضًا منهم، كذّبوا عيسى وكذّبوا محمّدًا. فهذا الاختلاف هو الذي ذمّه الله تعالى في القرءان. أصل الدّين اختلفوا أهل الكتاب اليهود والنّصارى، في أصل الدّين اختلفوا، هذا الاختلاف هو المذموم. أمّا الاختلاف في الأحكام الفرعية ليس مذمومًا، الصحابة اختلفوا في الأحكام بعد أن كانوا متفقين في أصول العقيدة، هذا لا يضرّ، هذا فيه توسعة على الأمّة، فيه توسعة على الأمّة. عمر بن عبد العزيز كان إمامًا عادلًا وعالِمًا مجتهدًا مثل الشافعيّ، كالشافعيّ ومالك وأبي حنيفة كان في العلم بلغ إلى درجة الاجتهاد، أشير عليه بأن يجمع النّاس على مذهب واحد، فقال لا، اتركوا الناس على ما هم عليه" لأنّ في هذا توسعة على الناس. مثلًا الكلب الأئمة اختلفوا فيه، قال بعض الأئمة إذا أصاب الكلب شيئًا برطوبة أو وضع فمه في شراب، يُكبّ هذا الشىء ثمّ يُغسل الإناء سبع مرات، مرة بتراب. وقال بعضهم الكلب ليس نجسًا، إنَّما نحن أمرنا بأن نغسل ما ولغ فيه ما وضع فيه لسانه، حرّك فيه لسانه أن نغسله سبع مرات. أمرنا من أجل امتثال الأمر مطلوب أن يغسل، لكن ليس معنى ذلك أن الكلب نجس، أي جسمه وريقه ليس نجسًا. هذا الاختلاف فيه فائدة؛ بعض بلاد المسلمين يصعب عليهم تجنّب الكلب، لأنّ الكلب يحتاج إليه لحراسة المواشي والزّرع والدّار وغير ذلك يحتاج إليه. مذهب مالك أنّ الكلب طاهر لكن مطلوب أن نغسل ما حرّك فيه لسانه سبع مرات بعد أن نَكبّ الشّراب الذي ولغ فيه حرّك فيه لسانه، وإن لم نفعل فليس علينا ذنب، هذا اجتهاد مالك. فلو اتفقوا كلّهم على أنّ الكلب نجس لحصلت مشقة شديدة للمسلمين، فهذا الاختلاف فيه رحمة. لا يجوز أن يقال كما يزعم بعض النّاس: "لماذا يقال شافعيّ وحنفيّ ومالكيّ وحنبليّ؟ لماذا لا يصير كلّهم مذهبًا واحدًا؟ هذا جهل، هذا جهلٌ. هذا الاختلاف ليس اختلافًا ضارًا بل هذا اختلاف فيه رحمة، فيه توسعة على الناس. إنّما الاختلاف الذي يضرّ هو الاختلاف في العقيدة. ثمّ العقيدة التي كان عليها الصّحابة لم يختلفوا فيها كلُهم، كانوا متّفقين ثم اتبعهم جمهور الأمّة. اليوم، المسلمون جمهورهم أشاعرة أي يتكلمون في العقيدة على لسان أبي الحسن الأشعريّ رضي الله عنه. مئات الملايين من المسلمين على هذا، على عقيدة الأشعريّ. وهكذا الأمر لا يزال، جمهور هذه الأمّة إلى يوم القيامة في العقيدة على الحقّ، على الحقِّ في العقيدة لا يضلّون، أمّا في الأعمال فقد قصّروا تقصيرًا كبيرًا. تركوا المواساة وغلب عليهم حبّ المال، القريب لا يعطف على قريبه والجار لا يعطف على جاره، إلا من رحم الله. لكنّ الصّحابة ما كانوا هكذا ما كانوا هكذا، كان عندهم تعاطف وتراحم شديد ومواساة أي المساعدة بالمال وأمور المعيشة، كانوا يتعاونون ما كانوا مثلنا. فالأمر الذي هو أهمّ، من أمور الدّين هو العقيدة، من صحّت عقيدته بأن كان على عقيدة أهل السّنة والجماعة. بعد أن ظهر الإمام أبو الحسن الأشعريّ والإمام أبو منصور الماتريديّ، المسلمون جمهور المسلمين على حسب ما بيّن هذان الإمامان العقيدة التي كان عليها الصحابة. هؤلاء أوضحوا عقيدة الصّحابة إيضاحًا وقرّروها بالأدلّة العقليّة وبيّنوا فساد شبه المخالفين لأهل السّنة، حتى لا يغترّ بشبه أولئك.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله