#

من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو

من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البرّ الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى ءاله الطيبين الطاهرين أما بعد، فقد قال الله تبارك وتعالى ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾. جاءت أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرح معنى الآية فمن ذلك ما رواه مسلم في الصحيح أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلَّم قال "أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة يسبّح الله تعالى مائة تسبيحة فيكتب له بهنَّ ألف حسنة ويمحى عنه بهنّ ألف خطيّة". في هذا الحديث بيان أن الحسنة الواحدة تمحو عشرة من السيئات، هذا أقلُّ ما يكون.
وقد تمحو الحسنة الواحدة أكثر من ذلك من السيّئات. بيان ذلك أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأنَّ المائةَ تسبيحة يكون ثوابها ألفًا من الحسنات.
وزيادةً على ذلك أخبر بأنَّه يُمحى عن قائل هذه المائة التسبيحة ألف خطيئة أي معصية ولم يقيّد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الخطيئة بأنَّها من الصَّغائر، فنقول يجوز أن يمحو الله بالحسنة من الحسنات بعض الكبائر وإن كان ورد في فضل الصلوات الخمس أنه تمحى عنه وتُكفَّر عنه بها ما سوى الكبائر، إن لم يغش الكبائر، لكنَّ هذا ليس مضطربًا فيما سوى الصَّلوات الخمس فقد ثبت بالإسناد الصَّحيح أنَّ "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيُّوم وأتوب إليه يغفر له وإن كان قد فرَّ من الزَّحف". الفرار من الزَّحف من أكبر الكبائر. فإذا كان في هذه الكلمة من الاستغفار يمحى من الكبائر ما شاء الله تعالى فلا مانع من أن يمحى بالتسبيح ونحوه بعض الكبائر. الحديث الثاني، حديث "من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيُّومُ وأتوب إليه يغفر له وإن كان قد فرَّ من الزحف" رواه أبو داود في سننه وهو حديث حسن الإسناد حسَّنه الحافظ ابن حجر في الأمالي. هذه الرواية التي حكم لها بالحسن ليس فيها تقييد بثلاث مرَّات ولا بأن يكون ذلك عقب صلاة الفجر بل هي مطلقة أيَّ وقت قال هذا، هذا الاستغفار "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيُّومَ وأتوب إليه" غفر له ذنوبه وإن كان قد ارتكب بعض الكبائر. ثم اللفظ يُقرأ على وجهين يقرأ بالرفع "الحَيُّ القيُّوم" ويقرأ بالنصب "الحيَّ القيُّومَ" كلا ذلك جائز عند علماء النحو. ثمّ إنّ الحافظ ابن حجر ذكر أنّ هذا الاستغفار يمحى به من الكبائر ما ليس من تبعات الناس أي من مظالم الناس أي أن المظالم لا تدخل تحت هذا الحديث. ثم كل هذا شرطه أن تكون هناك نيَّة شرعيَّة وهي أن يقصد بهذا التسبيح التّقرّب إلى الله، ليس فيه رياء أي أن يمدحه الناس إنما قصده خالص للتقرب إلى الله وهكذا كل الحسنات قراءة القرءان والصلاة والصيام والحج والزكاة وبِرُّ الوالدين والإنفاق على الأهل وصلة الرَّحم إلى غير ذلك من الحسنات، فأيُّ حسنة لا ثواب فيها إلا بالنيَّة. والنيَّة هي أن يقول بقلبه أفعل هذا تقرُّبًا إلى الله أو ابتغاء مرضاة الله أو ابتغاء الأجر من الله لكن بشرط أن لا يضمَّ إلى ذلك قصد مدح الناس له وذكرهم له بالثَّناء الجميل، لا يكون قصده ذلك، إنَّما قصده أنه يتقرَّب إلى الله بهذه الحسنة بهذا التسبيح أو بهذه القراءة للقرءان أو بهذه الصَّدقة أو بفرائضه التي يفعلها كالصلاة والحج والزَّكاة. فكلّ هذه الحسنات إذا اقترنت بها النيّة الصحيحة خالصة لله تعالى لم يقترن بها الرّياء لفاعلها هذا الثواب الجزيل أي أنّ كلّ حسنة تكتب عشر أمثالها على الأقل وقد يزيد الله من شاء ما شاء من المضاعفات.

Tags: فيديوهات مختلفة , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله